عيسي عليه السلام

ذهبت امرأه عمران الي المسجد الاقصي وفاء بنذرها لتنشاء مريم فيه نشأة طيبه وتتعلم اصول دينها وتتربي علي مكارم الاخلاق

وتكفل زكريا برعايه مريم وكان زكريا زوجا لخالتها فقام بتربيتها وكفالتها ورعايتهاحتى كبرت علي الاخلاق الحميده

عاشت مريم في محرابها تعبد ربها وتسبحه وتقدسه وذات يوم دخل عليها مجموعه من الملائكه علي هيئه البشر وابلغوها ثناء الله عليها

وحثوها علي علي مزيد من الطاعات والعباده والصلاه فقالوا لها { يامريم ان الله اصطفاك وطهرك علي نساء العالمين . يامريم اقنتى لربك

واسجدي واركعى مع الراكعين } آل عمران 42 ـ 43

ثم بشروها بولدا منها سيكون نبيا كريما مؤيدا بالمعجزات فقالوا { يامريم إن الله يبشرك بكلمه منه اسمه المسيح عيسي بن مريم وجيها في الدنيا

والآخره ومن المقربين . ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين }آل عمران 45 ـ46

فتعجبت مريم كيف يكون لها ولدا وليست متزوجه ولم يمسسها رجل فاخبرتها الملائكه ان هذه هي اراده الله سبحانه هو القادر علي كل شئ ولم تملك مريم

في هذا الامر الا الامتثال لامر ربها وتتحصب به عزوجل لعل الله يجعل لها مخرجا من هذا الامر وذات يوما بينما هى وحدها ارسل الله اليها الروح الامين جبريل عليه

السلام علي هيئه بشرا وفي صوره حسنه فلما رأته خافت وفزعت منه فلم يدخل عليها المحراب احد غير زكريا فتعوذت بالله من هذا الشخص الذي دخل عليها

فطمئنها جبريل انه رسول الله اليها ليهب لها غلاما طيبا مباركا ونفخ فيها نفخه فحملت علي الفور ثم اختفي جبريل عليه السلام ومرت الايام واحست مريم عليها السلام

بآلام الحمل فذهبت الى مكان بعيد خوفا من كلام الناس في حقها وجلست تحت ظل نخله تفكر في امرها وما سيكون عليه حالها بعد ولادتها واقتربت ساعه الولاده فتمنت ان

لوكانت قد ماتت قبل ان يحدث لها ماحدث ووضعت عيسي عليه السلام واحتاجت الى طعام وشراب حتى تستعيد قواها ونشاطها فسمعت صوتا يناديها ويامرها ان تهز بجزع النخله التى تجلس تحتها وسوف يسقط عليها الرطب فتاكل منها حتى تشبع

وظل هذا الصوت يتكلم وكانه يعلم مابداخلها من مخاوف حينما تدخل علي اهلها بهذا الطفل الرضيع وهى امه مع انها لم تتزوج فقال لها تلك الصوت {فإما ترين من البشراحدا فقولى انى نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا } مريم 24 ـ26

واخذت تتلفت يميا ويسرا لتعرف مصدر الصوت ولكنها لم تجد سوى طفلها فعلمت انها معجزه من معجزات الله وفرحت فرحا شديا وعلمت انه سيجعل لها من بعد ضيقا فرجا ومخرجا وتوكلت علي الله واخذت طفلها وذهبت الى اهلها و بينما هى تسير راها قومه من اليهود فتعجبوا من ذلك واقبلوا عليها لائمين ومعنفين وقالوا { يامريم لقد جئتي شيئا فريا يا اخت هارون ماكان ابوك امرا سوءا وما كانت امك بغيا }مريم 27 ـ 28

فاشارت مريم الى ابنها الرضيع فتعجب قومها وقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا فانطق الله عزوجل عيسي عليه السلام فقال { انى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا اين ما كنت واوصانى بالصلاه والزكاه مادمت حيا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا } مريم 30 , 33

ولم تسلم مريم من إشاعات اليهود واتهاماتهم ولما خافت علي نفسها وولدها من غدر اليهود اخذت ابنها الي مكان بعيدا عن قومها حتى لايؤذوه ولما كبر عادت به الي بيت لحم مره ثانيه وعندما عاد عيسي عليه السلام الي قومه وجدهم انحرفوا عن منهج الله الذي جاء به موسي عليه السلام ومن انحرافهم انهم كانوا يتحرجون من عمل الخير في يوم السبت باعتباره يوم عطله لايجوز العمل فيه فيمر اليوم دون ان يقدموا عملا صالحا ليتقربوا الي الله

واقبلوا علي حب المال فسيطر علي تفكيرهم واجبر الكهنه الفقراء علي النذر للمعبد ليأخذوه لهم مع علمهم ان الفقراء والمساكين في اشد الحاجه اليه وكان بعضهم ينكر يوم القيامه ويقولون لاحساب ولاعقاب في الآخره وفئه اخري طغي عليها حب الدنيا والمال واخذوا يجمعونه باي حال وبأى شكل فكانت حاجه المجتمع لأصلاح شديده فأرسل الله عيسي عليه السلام من اجل هدايتهم الي الطريق الصحيح والإيمان بالله وتوحيده وترك ماهم فيه من جهل وضلاله

وايد الله عيسي بات كثيره تتناسب مع اهله في ذالك الوقت ومنها القدره علي احياء الموتى وشفاء المرضي الذين عجز الاطباء عن شفائهم واعلمه الله بعض الغيب فكان يعلم ماياكله الناس وما يدخرونه واخذ يدعوه قومه ويبين لهم المعجزات التى ايده الله بها فقال { أنى جئتكم بآيه من ربكم أنى اخلق لكم من الطين كهيئه الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بأذن الله وابرى الاكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ان في ذلكم لآيه لكم ان كنتم مؤمنين . ومصدقين لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآيه من ربكم فاتقوا الله واطيعون } آل عمران 49 ـ50

ومع هذه العجائب والمعجزات الخارقه التى جاء بها عيسي عليه السلام الي بني اسرائيل لم يؤمن الا القليل واستمر اكثرهم علي كفرهم وعنادهم بالإضافه إلي انهم رموه بالسحر ولم ييأس عيسي عليه السلام من قومه النصره لدين الله فهدي الله مجموعه من الفقراء والمساكين إلي الإيمان فكان هؤلاء هم الحواريون الذين اصطفاهم الله ليحملوا الدعوه ويناصروا عيسي عليه السلام وكان عددهم لايزيد عن اثنى عشر رجلا

وذات يوم امر الله عيسي عليه السلام جميع من معه بصيام ثلاثين يوما فصاموا ولما اتموها طلبوا منه ان يدعوا الله ان ينزل عليهم مائده من السماء فنصحهم عيسي عليه السلام ان يتقوا الله ولكنهم اصروا علي طلبهم قائلين { نريد ان ناكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم ان قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين} قام في مصلاه يدعو الله قائلا { اللهم ربنا انزل علينا مائده من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآيه منك وارزقنا وأنت خير الرازقين } فقال عزوجل { إني منزلها عليكم فمن كفر منكم فإنى اعذبه عذابا لااعذبه أحدا من العالمين } المائده 113 ـ 114 ـ 115

وبعد لحظات انزل الله المائده من السماء وكانت كلما اقتربت دعا عيسي ربه ان يجعلها سلاما وبركه وليست نقمه وعذابا وعندما استقرت سجد عيسي والحوارين شكرا لله علي استجابته واكل منا الحوارين والاف من الناس التي كانت تاتى ليشفيها عيسي عليه السلام وكانت هذه المائده تحتوى علي كل ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين

وانتشر خبر عيسي في البلاد وامن به كثيرا من الفقراء والمساكين فحقد عليه الكهنه والاغنياء من اليهود وكرهوه وارادوا التخلص منه فدبروا له حيله ماكره حيث ذهبوا الي الحاكم الرومانى وأخبره بان عيسي عليه السلام رجل ثائر يحرض الناس عليه ويدبر لمؤامره ضد الدوله الرومانيه وظلوا يحرضون الحاكم علي عيسي حتى صدر حكما باعدام عيسي عليه السلام وصلبه وبحثوا عنه كثيرا فلم يجدوه حيث اخبره الله بما دبروه فختباء هو والحواريون في الجبال ليعبدوا الله بعيدا عنهم وقال الله لعيسي { انى متوفيك ورافعك الى ومطهرك من الذين كفروا } آل عمران 55

واجتمع الحاكم وكبار رجال الدوله ويشاركهم اليهود والكهنه ليتشاوروا في امر عيسي عليه السلام وظلوا يبحثون عنه في كل مكان ليقتلوه ولكن الله حفظه ورعاه ورفعه الي السماء والقي شبهه علي رجل منهم فأخذوه ظنا منهم انه عيسي فصلبوه وقتلوه

وودع عيسي الحواريين وبشرهم برسول ياتى من بعده اسمه احمد ليكمل مابداه وبه تتم نعمه الله علي الخلق فقال لهم { يابني اسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتى من بعدي اسمه أحمد } الصف 6

وظن اليهود ان عيسي هو الذي قتلوه ففرخوا بذلك ولكن القرآن الكريم يؤكد لنا أنه لم يقتل ولم يصلب وانه نجاه الله ورفعه اليه فقال { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه وما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما } النساء 157 ـ 158

وقد انزل الله الانجيل علي عيسي وامرنا ان نؤمن به ولكن اهل الكتاب حرفوا الانجيل وبدلوا كثيرا من اياته واحكامه وكان عيسي اخر انبياء بني اسرائيل ولم يات بعده الا رسوا الله وخاتم النبياء محمد صلي الله عليه وسلم وقد اخبرنا ان عيسي عليه السلام سوف ينزل الي الارض مره ثانيه في نهايه الزمان ويدعوا الى شريعه محمد ويكسر الصليب الذي اتخذوه شعارا لهم قال { والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب ويفيض المال حتى لايقبله احد حتى تكون السجده الواحده خيرا من الدنيا وما فيها } متفق عليه

وقد ضل النصاري بعد عيسي حتى ظنوا انه ابن الله وقد نفي الله ذلك بقوله { إن مثل عيسي عندالله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } آل عمران 59

وسوف يحاسبهم الله عن ضلالهم هذا ويوم القيامه يسئل الله عيسي عليه السلام عن ضلال قومه ومافعلوم من بعده وادعائتهم فيقول الله { ياعيسي ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وامى ألهين من دون الله } فيقول عيسي { سبحانك مايكون لي أن اقول ماليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم مافي نفسي ولا اعلم مافي نفسك إنك علام الغيوب ما قلت لهم ألا ما أمرتنى به أن اعبدوا ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتنى كنت انت الرقيب عليهم وانت علي كل شئ شهيج إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } المائده 116 ـ 118