روى عميرة دعنا (ابو سلام) البالغ من العمر 78 عاماً كيف سقطت القدس الشرقية في السادس من حزيران 1967 في ايدي القوات الاسرائيلية فيما كان السكان ينصتون الى الاذاعات العربية التي تتحدث عن النصر.
واتهم ابو سلام الذي كان يجلس امام محله وهو عبارة عن كشك صغير لبيع الكتب والصحف في باب العامود الباب الرئيسي للقدس القديمة "الانظمة العربية بالتآمر على القضية الفلسطينية وتسليم الاراضي الفلسطينية الى اسرائيل".
وقال "كانت الاذاعات العربية تشير الى ان عبد الناصر سيغلق مضائق تيران وقناة السويس وكنا في حالة انتظار واستنفار".
وتابع "كنا نتدرب لمدة شهر في العام مع الحرس الوطني التابع للجيش الاردني لليوم الموعود (يوم تحرير فلسطين)"، موضحاً ان التدريبات كانت تجري في معسكر النبي يعقوب شمال القدس وفي العيزرية شرق المدينة على الاسلحة الخفيفة.
وفي الرابع من حزيران، اي قبل يوم من اندلاع الحرب، قال ابو سلام "ذهبنا نحن الشباب الى قيادة الحرس الوطني وطلبنا اسلحة للمقاومة واعطونا بنادق قديمة وعدة طلقات ووزعونا على مناطق مختلفة وقالوا لنا انتظروا تعليمات القيادة".
وروى "اندلعت الحرب فجأة يوم الاثنين الخامس من حزيران وانتظرنا التعليمات ولم تصل، ولم نكن على اهبة الاستعداد العسكري كما يجب ولم ندر الى اين نذهب، كنا نتجول عند اسوار البلدة القديمة ولم نشتبك مع اي عدو".
وتابع "كنا نسكن في باب السلسلة في البلدة القديمة وكنا ننتظر حدوث معركة ولم يكن لدينا اي اجهزة اتصال لنعرف ما يجري وكل المعلومات التي كنا نحصل عليها كانت من الاذاعات التي تتحدث عن النصر".
واضاف "في الوقت نفسه كانت اسرائيل تتقدم من منطقة بيسان شمال فلسطين وتحتل مدينة اريحا وتدخل القدس يوم الاربعاء وتتمركز في جبل الطور المطل على المدينة داخل الاسوار وخارجها وبدأ الجنود يصطادون كل من يتحرك، مسلحاً او غير مسلح، وكانت المعارك في الشيخ جراح حيث فقدنا الكثير من الضحايا".
وشنت اسرائيل في الصباح الباكر من يوم الخامس من حزيران 1967 هجوماً وصفته بالاستباقي ضد مصر وسورية والاردن قضت في مستهله بالخصوص على معظم امكانات سلاح الجو المصري قبل ان تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية.
وكباقي سكان القدس، فوجئ ابو سلام يوم الاربعاء "بدخول المحتلين من باب الاسباط (شرق) وباب المغاربة (جنوب شرق) الى القدس القديمة"، مؤكداً انهم "كانوا يقتلون كل من يرونه في الطريق".
وروى كيف "اذاعوا عبر مكبرات الصوت ان كل من يحمل السلاح عليه وضعه امام بيته ويضع علماً ابيض على بابه وفرضوا نظام حظر التجول".
وبعد ان تأكد الاسرائيليون من سيطرتهم على القدس الشرقية سمحوا برفع حظر التجول ساعتين في اليوم حتى يتمكن الناس من اخلاء الجثث ونقلها من الطرقات الى المقبرة على ما روى ابو سلام.
وقال "في اليوم الرابع سمحوا لنا بالتجول لمدة اربع ساعات جمعوا خلالها شباناً في شاحنات مكشوفة وتجولوا بهم في كافة انحاء القدس الغربية وكان اليهود يصطفون في الشوارع و يصفقون وهم يرون الشبان الفلسطينيين مكبلين بالاصفاد مكدسين في الشاحنات، ومنهم من احتجز بعد ذلك لعدة ايام ومنهم من احيل الى سجن الرملة لعدة اسابيع".
وانسحب الجيش الاردني الذي كان يسيطر منذ 1948 على القدس الشرقية والضفة الغربية "ومنهم من قتل ومنهم من تنكر بملابس مدنية وبقي" على ما اكد عميره دعنا.
اما الشبان المتطوعون لدى الحرس الوطني "فقتل الكثير منهم وهو يقاوم خارج المدينة او قتل اثناء هربه من المحتلين".
وفي اليوم الخامس والسادس للحرب "اتى المحتلون بباصات كبيرة الى باب العامود وطلبوا من الناس الرحيل الى عمان وكانوا ينادون : على عمان روحة بلا رجعة" كما اكد ابو سلام.
وكانت الباصات توصل الناس الى ضفة نهر الاردن ويعبرون سيرا على الاقدام الى الضفة الشرقية للنهر على ما قال.
وتسببت حرب حزيران 1967 برحيل حوالى 350000 فلسطيني توجه معظمهم الى الاردن.
اما ابو سلام فاعتقل عدة ايام "وحققوا معي لانتمائي الى الحزب الشيوعي" بعد ان كان اعتقل من قبل السلطات الاردنية.
وقال "انتميت الى الحزب الشيوعي لاننا كنا فقراء ومسحوقين وكان الحزب يعبر عن الروح الوطنية لاحباط المشاريع الاستعمارية التي تهدف لاسقاط القضية الفلسطينية. لكنني لم اعد شيوعيا بل اصبحت متدينا واصلي وحججت الى بيت الله الحرام".