الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
دخول
من طرف هبة الله الأحد سبتمبر 26, 2010 6:10 pmفي صباح بارد من أيام الشتاء تتسسلل آشعة الشمش علي استحياء من نافذة تجلس خلفها آمال لتستقبلها كعادتها كل يوم لتقتبس دفئاً يعوض مشاعرها العاطفية التي اشتعلت دون شرر الحب وكادت تخبو لطول انتظار الحبيب، تسري في بدنها قشعريرة من برودة الجو، إلا أنها تسعد بتلك القشعريرة لتذكرها بأنها علي قيد الحياة ، وأن انفاسهامازالت تروح وتجيء
تنْفُُُثُ زفيراً بفمها الرقيق ، وتستدير شفاتها كأنها تقبل شخوصاً يرسمها خيالها لتضع بصمة من شفتيها علي زجاج النافذة تظهر بوضوح وسط الغمام الذي شمل الزجاج من زفير أنفاسها مماشجعها بأن ترسم بسبباتها قلوباً ووروداً تأخذ الوانها من الحديقة المقابله لمنزلها.
تزداد الشمس ارتفاعاً في السماء ليتحول بخار الماء علي الزجاج إلي قطرات كحبات اللؤلؤ تتراقص وتتبدل الوان الطيف فيها بومضات جميلة أنعشت أحلام اليقظة لديها التي أنقلبت إلي ذكريات الأمس القريب الذي لا يتعدي البارحة حيث كان زفاف أختها الصغرى وتقارن ما تشعر به من قشعريره التي لا تشعر بها أختها الآن الناعسة أوالمتيقظة في أحضان عريسها.
تدرك أنها ليست في جمال أختها الصغرى وطالما تأكد هذا الإدراك مرات عديدةكلما تجوارتا سيراً في النزهات أو التسوق حيث نظرات الشباب ومعكاساتهم التي تنصب دائما على أختها، وتحاول إقناعها دائما بأنها المقصودة لتوافقها دائما ثقة في جمالها الذي لا تخطئه عين، وحرصاً علي مشاعر آمال.
تفيق آمال من أحلام يقظتها لتعود إلي حجرتهاالتى كانت حريصة على اناقتها وجمالها وطالما زينتها بمفارش ومشغولات من صنع يديها كأنها قاعة لعرض الفنون اليدوية وكم سعدت من إشادات أهلها وأصحابها كلما دخلوا ‘لى حجرتها، ولم يسلم ذلك الجمال والأناقة والترتيب من إنفعالات آمال لتنزع كل شئ من مكانه وتلقى به يمنة ويسرة كأن مظاهرة غاضبة اشتعلت لتغير نظام الحكم في هذه الحجرة، وبعد أن هدأت من ثورتها العارمة تعود وتمسك ببعض القطع التي تأنقت في صنعها لتحدث كل قطعة من بقاياها : أنت من صنع يدي ، أنت جميلة، انت رقيقة أنت دقيقة الصنع، ويشهد بذلك كل من شاهدك ،إلا أنه لم يمدحني أحد لا في شكلي ولا جسدى وكل ما أسمعه أنت شاطرة يا آمال في إقتضاب وتأخذ مشغولاتي القدر الأكبر من المدح، بينما نظرات الإعجاب وإنفراج الاسارير تتسلق أختي من أخمص القدم إلى أطراف شعيراتها ويطلبون منها ان تلف وتدو كعارضات الأزياء فتستجيب في تمنع ودلال لتزداد جمالاً وإثارة ، وتقف وتتباطأ تلك النظرات للتسمر علي مناطق محددة من جسدها، لتزحف النظرات إلي وتعود مسرعةإلي اختي في مقارنة مكشوفة غير خجولة وتتمصمص الشفاة لتوخذ قلبي وخزات كحراب مسمومة تمزق قلبها.
تعود آمال لتلتقط صورة أختها من وسط الأشياء المبعثرة ،وتلصقها بمرآة التسريحة، وتبتعد قليلاً وتتخفف من ملابسها إلي أن يبقى الشفاف منها مقنعة نفسها ربما تكون أكثر أثارة ، صانعة انفصاما لتشاهد نفسها بعين الآخر، واضعة يديها في خاصرتها، ثم ترفعهاا لتزيح بعض خصلات شعرها وتغطي نصف وجهها ، او تخبئ إحدي عينيها، ثم تنفض يديها من ذلك وتتلمس وتصنع مجسماً لثدييهاكي يبدو اكبر وأكثر تكورا ،تعود مرة أخري لخاصرتها وتضغط عليها من الجانبين ربما تزداد نحافته أوتزيد من تجسيم خلفها ،إلا أن صورة اختها تفوز في النهاية ليزيد حزنها عمقاً واغتراباً.
من قمة الثورة وعنف الحيرة ، تجلس القرفصاء على ارضية الحجرة وسط اشلاء البعثرة ، تهمهم بكلمات لا يسمعها إلا ذاتها: أختي جميلة وأنا لست ذلك ولن اغير الواقع لتلتبسها شخصية عاقلة فيلسوفة، ما الجمال؟ ما مقايسه؟ الجمال يختلف من زمان إلي زمان ومن مكان إلى آخر ومن شخص إلي أخر ، الجمال وهم يصنعة البشر يصنعه الشعراء تصنعه القصص والرويات ، يصنعه نجوم السينما. إن الله سبحانه وتعالي وزع الجمال كما وزع الأرزاق وزاد من ذلك وأنقص من ذاك ليزده في شئ آخر ، الجمال له إشعاعات وله مستقبلات مختلفة كموجات الألوان منها القصيرة ومنها الطويلة والكل له جماله، الورود تختلف ألوانها وكلها جميلة، وتتذكر كلمات أمها : أنت جميلة يا آمال وكل فولة ولها كيال وسوف يأتيك من يحبك ويشعر بجمالك ، أنت يدك صانعة للجمال ، وعقلك جميل لثقافته العالي ولباقتك التى يشهد بها الجميع وذلك لا يتوافر في كثير من الفتيات لكل جمال يآمال.
فيما يبدو لا تقتنع آمال بكلام أمها وتري ذلك من دافع الأمومة وهذا مافسرته قبلة آمال علي خد أمها وتربيتها علي كتفها شاكرة أمها 0
تذهب إلي شرفة المنزل تسقي الورود التي طالما اعتنت بها ورعتها وغنت لها ،وأطلقت علي كل واحدة منها اسماً تناديها به إلي أن تذبل في مكانها وتطلق نفس الاسم علي كل زهرة تولد وتسمي الكل بالورد الخالد، وتقول لنفسها إلا أنا سوف أذبل وأموت وسوف ينساني الزمان ويواريني التراب وتدوسني الاقدام ، واختي سوف تحمل وتلد وروداً يحيون ذاكراها أن ماتت ويروينها في حياتها بنداء يا ماما ، امسي كغدي وغدي ينهيه النوم ويضيع نهاري في أعمال البيت واستقبال الضيوف والمشغولات والتحف التي مللت صنعها .
تذهب في نهاية يومها كسابقه من الأيام إلي فراشها تحتضن الوسائد لعلها تغنيها عن دفء الحياة المفقود،وتصحو علي دق جرس الباب وتدخل أختها عليها وقد تكورت بطنها وإزدات أنتفاخا مع مرور أيام زواج قد مرت ،ووجه شاحب وتأوهات ألم ،ساندة نفسها بنفسها و ظهرها بيديها كأنها علي وشك الوقوع فاقدة الإتزان وفاقدة الجسم الممشوق والجمال يبدو في منحنى الإنحدار والذبول.
ترحب بها آمال و تستقبل بطن أختها المتكورة متحسسة إياها كأنها تقيس استدارتها ككل مرة تراها وتضع أذنيها تسترق نبضات الجنين وحركاته وكم اسعدها ذلك كفطرة الأنثى في أمومتها.. تدفعا أختها الحامل برقة وحنين الأخوات عابثة بخصلات شعرها قائلة: دعينى أرتاح يا آمال وده أخرة الجواز... لترد عليها آمال ادخلي ياوردة العائلة ،
لقد قًُطفت الوردة يا آمال.
جمال الوردة في قطفها .. ألم واستمتاع بالألم
كيف ذلك يا فيلسوفة عصرك
تعتدل آمال في جلستها لتأخذ وضع المحاضر أو الفيلسوف وتجلس في مواجهة أختها قائلة:الوردة تبكي من ألم القطف وتسيل منها دموع الفرح ، قيمة الوردة بعد أن تنضج في قطفها والاستمتاع بعبيرها فهي تستمتع وتمتع قبل أن تذبل وتموت وتدوسها الأقدام، لقد سخر الله المخلوقات لخدمة الإنسان حيواناً كان أو نباتاَ ، نستفيد من من النبات وثماره ومن الحيوان وخدمته لنا .......
دعينا من فلسفتك يا آمال وخلينا في المهم الفلسفة والقراءة أكلت عقلك وابعدتك عن الواقع.. خذي هذا يا آمال.
تتناول أمال مظروفا من يد أختها تقلبه يمنة ويسرة ولا تجرؤأن تفتحه وتتحسس ما به في تردد خجلا من أنه لا يخصها 0
تدرك ذلك الخجل والتردد أخت آمال قائلة: الموضوع يا اختي الكبيرة المقام والعزيزة
القدر ، أتذكرين خالد شقيق زوجي حين جاء مع الأسرة يوم خطبتي ولم نره من ذلك الحين هو يعيش في سويسرا حيث البعثة الدبلوماسية المصرية هو الذي أرسل هذا الخطاب إلي زوجي.
آمال: ومالي أنا
إنه يطلبك للزواج يا آمال.
