السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
______________________
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالهداية في أصلها شيء جميل، وشعور نبيل، فهي عنوان محبة، وبريد مودة،
يهديها المحب لحبيبه، ويبعث بها الصديق لصديقه، ويقدمها الوالد لأبنائه،
وقلبه يدعو لهم، ويتمنى لهم كل توفيق وهداية، ودوام صحة وعافية.
ويوم تتحول الهداية إلى قنبلة يُنتظر انفجارها في أي لحظة، ويوم تتحول إلى
أداة إفساد وقتل للأبرياء، تخرج عن معناها الحقيقي إلى معنى آخر لا يرضاه
الإسلام ولا يقره.
نقول ذلك لأن من الآباء من يقدم لأبنائه هدية الموت، وجائزة العجز والهلاك.
نقول ذلك لأن من الآباء من يدفعون أبناءهم إلى الانتحار، ويقدمون لهم
السلاح الذي يذبحون به أنفسهم، بل ويذبحون به غيرهم من الناس.
قد تستغرب أخي الكريم هذا الكلام، ولكنها الحقيقة التي لا تزال تصدمنا كل
يوم في الشوارع والطرقات والميادين العامة، والتي نطالعها كثيراً في وسائل
الإعلام المختلفة، غير أننا نعمى عنها، ونمر عليها مرور الكرام، دون اتعاظ
أو اعتبار.
لماذا لا نتعظ بما يجري لغيرنا؟ أليس السعيد من وعُظ بغيره؟
لماذا لا نتعلم إلا إذا كان الضحية ابناً من أبنائنا حصدته هدية الموت التي
حصدت آلافاً من الشباب غيره؟
إن هدية الموت أيها الأب المبارك هي السيارة التي يعطيها الوالد لولده،
الذي لم يبلغ مبلغ العقلاء، ولم يأنس منه والده رشداً واتزاناً.
كيف تسمح لولدك بقيادة السيارة وأنت تعلم عن العجلة والتهور وعدم التأني في
كثير من أموره؟
كيف تشتري لولدك سيارة وهو لم يبلغ السن المسموح له فيها بقيادة السيارة
بنفسه؟
كيف تشتري لولدك السيارة، وأنت تعلم أنه لم يدرك قيمة النعمة، ولم يتعود
المحافظة عليها؟
كيف تمكن ولدك من قيادة السيارة، وأنت تعلم أن أصدقاءه من فصيلة أصحاب
السوء، وشلل الفساد، ولصوص الأوقات؟
أتظن بذلك أنك ستجعل منه رجلاً يعتمد على نفسه؟
كلا والله، فإن السيارات لا تصنع الرجال، ولكنها مع المراهقين تصنع أجيالاً
من المفحطين المعربدين العابثين بأمن المجتمع، المستهزئين بحياة البشر.
إن مصانع الرجال الحقيقية هي بيوت الله عز وجل، فهل جربت أخي الوالد أن
تربط أبناءك بالمساجد؟
هل جربت أن تجعلهم من المحافظين على الصلوات الخمس في الجماعة؟
هل جربت أن تربطهم بحلقات تحفيظ القرآن الكريم؟
إن ذلك أخي الوالد هو الذي يصنع الشباب المؤمن التقي المؤهل لقيادة نفسه
أولاً وكبح جماح رغباتها.
فمثل هذا الشاب إذا قاد سيارته كان حذراً في قيادته، عارفاً بقواعد المرور،
ملتزماً بسلوكيات الطريق، محافظاً على النعمة التي بين يديه، فلا يهينها،
ولا يفسدها، ولا يعرضها للحوادث والصدمات.
مخاطر قيادة المراهقين للسيارات
إن مخاطر قيادة المراهقين للسيارات كثيرة، فالمراهق يريد أن يظهر أمام
أقرانه والآخرين بصورة البطل المغوار، وإن كلفه ذلك روحه وأرواح الأبرياء
من المارة؟
المراهق: لا يستطيع أن يتحكم بسرعة في إيقاف سيارته عند مواجهة خطر داهم،
أو لتفادي الاصطدام بسيارة أمامه، أو عابر يعبر الطريق أمام سيارته، بسبب
بطء الاستجابة لديه عند مواجهة المثيرات التي تظهر أمامه أثناء قيادته
للسيارة، وطول زمن الرجع لديه، وهو الزمن الذي بين ظهور المثير والاستجابة
وعدم تقدير المسافة بينه وبين السيارات التي أمامه، أو العوائق التي تعترض
طريقه، وعدم التركيز في القيادة، والتفكير في أمور أخرى أثناء القيادة،
وعدم تقدير العواقب، وعد الاكتراث بما يدور حوله، هذا بالإضافة إلى ابتهاج
المراهق بالسرعة الفائضة التي يقود بها الآلة العجماء التي يركبها بمفرده
أو مع زملائه المرهقين.
تغيير الاهتمامات
إن الواجب على الآباء ألا يكون شغلهم الشاغل هو توفير ما به قيام أبدان
أبنائهم من طعام وشراب ولباس ومراكب وغيرها، ويغفلون عن زاد الروح، وهي
التربية الإيمانية التي تخرج الأجيال الصالحة القادرة على قيادة نفسها
ومجتمعاتها نحو الأفضل.
إن الوالد الذي يمكن ابنه من قيادة السيارة، ويعلم عنه التهور والانفلات
والصحبة السيئة، متعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول:
{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]
فمثله كمثل بائع السكين الذي يبيعها لمن يعلم أنه سيرتكب بها جريمة قتل أو
نهب أو اعتداء.
فكم من الآباء ذهبوا ضحية حدث متهور يريد لفت الأنظار إليه بجنونه وسفهه؟
كم من الأطفال تيتموا؟
كم من الزوجات ترملن؟
كم من الأبناء شردوا بسبب فقد عائلتهم؟
كم من الشباب راحوا ضحية تلك الهدية القاتلة؟
كم من الشباب تكسرت عظامهم وأصبحوا عالة على أسرهم ومجتمعاتهم.
إننا ندعوا الآباء لمراجعة أنفسهم والنظر في العواقب، حتى لا يذرفوا دموع
الندم في وقت لا ينفع فيه الندم.
الحوادث في أرقام
في إحصاءات رصدها المقدم متقاعد عبد الله الكعيد، وقدمها في إحدى المناسبات
المرورية، ظهر أن حوادث السيارات تقتل سنوياً في جميع دول العالم ما يفوقق
300 ألف إنسان!! وتصيب ما بين 10-15 مليون إنسان!!
أي أن هناك حالة وفاة كل 50 ثانية وإصابة كل ثانية واحدة!!
وتتصدر قارة أوربا عدد القتلى سنوياً بعدد 80 ألف إنسان!! تليها قارتا
أمريكا وآسيا اللتان يقع في كل منهما 70 ألف قتيل!! ثم أفريقيا بواقع 40
ألف قتيل سنوياً!!
وفي دول مجلس التعاون الخليجي يبلغ معدل الوفيات السنوي من الحوادث 5505 من
الأفراد، أي أن هناك 16 حالة وفاة يومياً، وتصل الإصابات إلى نحو 54,3 ألف
إصابة، بمعدل 149 إصابة يومياً.
وخسرت المملكة العربية السعودية منذ عام 1971 حتى 1995 ما يقارب 65 ألف
قتيل!! ونحو 50 ألف مصاب، نتيجة وقوع 800 ألف حادث خلال هذه الفترة!!
بسم الله الرحمن الرحيم
______________________
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالهداية في أصلها شيء جميل، وشعور نبيل، فهي عنوان محبة، وبريد مودة،
يهديها المحب لحبيبه، ويبعث بها الصديق لصديقه، ويقدمها الوالد لأبنائه،
وقلبه يدعو لهم، ويتمنى لهم كل توفيق وهداية، ودوام صحة وعافية.
ويوم تتحول الهداية إلى قنبلة يُنتظر انفجارها في أي لحظة، ويوم تتحول إلى
أداة إفساد وقتل للأبرياء، تخرج عن معناها الحقيقي إلى معنى آخر لا يرضاه
الإسلام ولا يقره.
نقول ذلك لأن من الآباء من يقدم لأبنائه هدية الموت، وجائزة العجز والهلاك.
نقول ذلك لأن من الآباء من يدفعون أبناءهم إلى الانتحار، ويقدمون لهم
السلاح الذي يذبحون به أنفسهم، بل ويذبحون به غيرهم من الناس.
قد تستغرب أخي الكريم هذا الكلام، ولكنها الحقيقة التي لا تزال تصدمنا كل
يوم في الشوارع والطرقات والميادين العامة، والتي نطالعها كثيراً في وسائل
الإعلام المختلفة، غير أننا نعمى عنها، ونمر عليها مرور الكرام، دون اتعاظ
أو اعتبار.
لماذا لا نتعظ بما يجري لغيرنا؟ أليس السعيد من وعُظ بغيره؟
لماذا لا نتعلم إلا إذا كان الضحية ابناً من أبنائنا حصدته هدية الموت التي
حصدت آلافاً من الشباب غيره؟
إن هدية الموت أيها الأب المبارك هي السيارة التي يعطيها الوالد لولده،
الذي لم يبلغ مبلغ العقلاء، ولم يأنس منه والده رشداً واتزاناً.
كيف تسمح لولدك بقيادة السيارة وأنت تعلم عن العجلة والتهور وعدم التأني في
كثير من أموره؟
كيف تشتري لولدك سيارة وهو لم يبلغ السن المسموح له فيها بقيادة السيارة
بنفسه؟
كيف تشتري لولدك السيارة، وأنت تعلم أنه لم يدرك قيمة النعمة، ولم يتعود
المحافظة عليها؟
كيف تمكن ولدك من قيادة السيارة، وأنت تعلم أن أصدقاءه من فصيلة أصحاب
السوء، وشلل الفساد، ولصوص الأوقات؟
أتظن بذلك أنك ستجعل منه رجلاً يعتمد على نفسه؟
كلا والله، فإن السيارات لا تصنع الرجال، ولكنها مع المراهقين تصنع أجيالاً
من المفحطين المعربدين العابثين بأمن المجتمع، المستهزئين بحياة البشر.
إن مصانع الرجال الحقيقية هي بيوت الله عز وجل، فهل جربت أخي الوالد أن
تربط أبناءك بالمساجد؟
هل جربت أن تجعلهم من المحافظين على الصلوات الخمس في الجماعة؟
هل جربت أن تربطهم بحلقات تحفيظ القرآن الكريم؟
إن ذلك أخي الوالد هو الذي يصنع الشباب المؤمن التقي المؤهل لقيادة نفسه
أولاً وكبح جماح رغباتها.
فمثل هذا الشاب إذا قاد سيارته كان حذراً في قيادته، عارفاً بقواعد المرور،
ملتزماً بسلوكيات الطريق، محافظاً على النعمة التي بين يديه، فلا يهينها،
ولا يفسدها، ولا يعرضها للحوادث والصدمات.
مخاطر قيادة المراهقين للسيارات
إن مخاطر قيادة المراهقين للسيارات كثيرة، فالمراهق يريد أن يظهر أمام
أقرانه والآخرين بصورة البطل المغوار، وإن كلفه ذلك روحه وأرواح الأبرياء
من المارة؟
المراهق: لا يستطيع أن يتحكم بسرعة في إيقاف سيارته عند مواجهة خطر داهم،
أو لتفادي الاصطدام بسيارة أمامه، أو عابر يعبر الطريق أمام سيارته، بسبب
بطء الاستجابة لديه عند مواجهة المثيرات التي تظهر أمامه أثناء قيادته
للسيارة، وطول زمن الرجع لديه، وهو الزمن الذي بين ظهور المثير والاستجابة
وعدم تقدير المسافة بينه وبين السيارات التي أمامه، أو العوائق التي تعترض
طريقه، وعدم التركيز في القيادة، والتفكير في أمور أخرى أثناء القيادة،
وعدم تقدير العواقب، وعد الاكتراث بما يدور حوله، هذا بالإضافة إلى ابتهاج
المراهق بالسرعة الفائضة التي يقود بها الآلة العجماء التي يركبها بمفرده
أو مع زملائه المرهقين.
تغيير الاهتمامات
إن الواجب على الآباء ألا يكون شغلهم الشاغل هو توفير ما به قيام أبدان
أبنائهم من طعام وشراب ولباس ومراكب وغيرها، ويغفلون عن زاد الروح، وهي
التربية الإيمانية التي تخرج الأجيال الصالحة القادرة على قيادة نفسها
ومجتمعاتها نحو الأفضل.
إن الوالد الذي يمكن ابنه من قيادة السيارة، ويعلم عنه التهور والانفلات
والصحبة السيئة، متعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول:
{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]
فمثله كمثل بائع السكين الذي يبيعها لمن يعلم أنه سيرتكب بها جريمة قتل أو
نهب أو اعتداء.
فكم من الآباء ذهبوا ضحية حدث متهور يريد لفت الأنظار إليه بجنونه وسفهه؟
كم من الأطفال تيتموا؟
كم من الزوجات ترملن؟
كم من الأبناء شردوا بسبب فقد عائلتهم؟
كم من الشباب راحوا ضحية تلك الهدية القاتلة؟
كم من الشباب تكسرت عظامهم وأصبحوا عالة على أسرهم ومجتمعاتهم.
إننا ندعوا الآباء لمراجعة أنفسهم والنظر في العواقب، حتى لا يذرفوا دموع
الندم في وقت لا ينفع فيه الندم.
الحوادث في أرقام
في إحصاءات رصدها المقدم متقاعد عبد الله الكعيد، وقدمها في إحدى المناسبات
المرورية، ظهر أن حوادث السيارات تقتل سنوياً في جميع دول العالم ما يفوقق
300 ألف إنسان!! وتصيب ما بين 10-15 مليون إنسان!!
أي أن هناك حالة وفاة كل 50 ثانية وإصابة كل ثانية واحدة!!
وتتصدر قارة أوربا عدد القتلى سنوياً بعدد 80 ألف إنسان!! تليها قارتا
أمريكا وآسيا اللتان يقع في كل منهما 70 ألف قتيل!! ثم أفريقيا بواقع 40
ألف قتيل سنوياً!!
وفي دول مجلس التعاون الخليجي يبلغ معدل الوفيات السنوي من الحوادث 5505 من
الأفراد، أي أن هناك 16 حالة وفاة يومياً، وتصل الإصابات إلى نحو 54,3 ألف
إصابة، بمعدل 149 إصابة يومياً.
وخسرت المملكة العربية السعودية منذ عام 1971 حتى 1995 ما يقارب 65 ألف
قتيل!! ونحو 50 ألف مصاب، نتيجة وقوع 800 ألف حادث خلال هذه الفترة!!