في يوم ما.. آلمني صديقي.. وخز في قلبي إبرة.. خرجت منه كلمة.. جرحني..
لكني لا زلتُ أقول عنه أنه صديقي.. وسيبقى ما بقي في حياة.. صديقي
ليس كل ما يفعله صديقي.. يجب أن يعجبني
له شخصيته.. له استقلاليته.. له حياته.. وبالمثل.. أستقل عنه بشخصيتي وتصرفاتي
ربما يتبادر لذهني لوهلة.. أنه لا يحبني.. لا يريدني صديقاً له.. لكن عليّ أن أنظر لأبعد من ذلك
وحتى إن باعدتنا الظروف.. فالصداقة ليست لقاء جسدي دائم.. إنما هي تواصل روحي والتقاء القلوب ببعضها.. فكم من صديق يبعدني بآلاف الكيلو مترات.. وكم ممن يمرض عيني لقاءه.. أصبح وأمسي على وجهه
قرأتُ يوم عن أعز أصدقاء جنكيز خان.. كان صقره
الصقر الذي يلازم ذراعه.. فيخرج به ويدله على فريسته ليطعم منها ويعطيه ما يكفيه.. صقر جنكيز خان كان مثالاً للصديق الصادق.. حتى وإن كان صامتاً
خرج جنكيز خان يوماً في الخلاء وحده ولم يكن معه إلا صديقه الصقر.. انقطع بهم المسير وعطشوا.. أراد جنكيز أن يشرب الماء ووجد ينبوعاً في أسفل جبل.. ملأ كوبه وحينما أراد شرب الماء جاء الصقر وانقض على الكوب ليسكبه
حاول مرة أخرى.. ولكن الصقر مع اقتراب الكوب من فم جنكيز خان يقترب ويضرب الكوب بجناحه فيطير الكوب وينسكب الماء
تكررت الحالة للمرة الثالثة.. استشاط غضباً منه جنكيز خان وأخرج سيفه.. وحينما اقترب الصقر ليسكب الماء ضربهُ ضربةَ واحدة فقطع رأسه ووقع الصقر صريعاً
أحس بالألم لحظة أن وقوع السيف على رأس صاحبه.. وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه
وقف للحظة.. وصعد فوق الينبوع.. ليرى بركة كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها منبع الينبوع وفيها حيةٌ كبيرة ميتة وقد ملأت البركة بالسم
أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته.. لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد أن سبق السيف العذل
أخذ صاحبه.. ولفه في خرقه.. وعاد جنكيز خان لحرسه وسلطته.. وفي يده الصاحب بعد أن فارق الدنيا
أمر حرسه بصنع صقر من ذهب.. تمثالاً لصديقه ويُنقش على جناحيه
صديقُك يبقى صديقَك ولو فعل ما لا يعجبك